التقارير

تقرير/”سوق عكاظ” ما بين تراث العرب وروح الحاضر

الرياض/ عواطف الغامدي – مجلة عين المملكة

يشكل سوق عكاظ معلمًا سياحيًا فريدًا من أبرز معالم المملكة العربية السعودية، ورافدً امهمًا من روافد السياحة، وحظي باهتمام بالغ من قبل المهتمين بالتراث والسياحة.

وتعني كلمة عكاظ في اللغة العربية اسمًا لسوق عكاظ أحد أسواق العرب في الجاهلية، ومصدرها التعاكظ وهو التجادل والتفاخر، ولهذا سُمِّي سوق عكاظ بهذا الاسم، وقد كانت اللبنة الأساسية لتحديد موقع سوق عكاظ من اهتمامات الملك فيصل -رحمه الله- وفي حديث لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ يقول “أتذكر أننا خرجنا في يوم من الأيام مع الملك فيصل وجلسنا تحت ظلال شجرة كبيرة في ذلك الشعيب، فمد يده الكريمة وأشار على هذا الموقع الذي فيه سوق عكاظ اليوم ، وقال هذا هو سوق عكاظ في السابق”.

ويعد أحد الأهداف الرئيسة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والتي جعلت سوق عكاظ أحد المشاريع الأساسية في برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الذي تنفذه الهيئة، وحظي برعاية ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويعتبر سوق عكاظ من أشهر أسواق العرب أيّام الجاهلية، فكانوا يجتمعون فيه من أجل التجارة والبيع والشراء، وقراءة الشعر والمنافرات والمفاخرات.

ويقع سوق عكاظ بين مكة والطائف، ويعقد في بدايات شهر ذو القعدة ويستمر عشرين يومًا، ويتميز موقعه بالقرب من مكة المكرمة باعتباره مركز التجارة العربية في شبه الجزيرة، وآمنًا بالنسبة للتجار يتركون في بضائعهم وأرزاقهم ولا يخشون عليها لذا يُعدُّ سوق عكاظ من أهم أسواق الجاهلية والذي بدأ في عام 501 ميلادي كما تشير المصادر التاريخية.

وقد اختلفت آراء المؤرِّخين والجغرافيِّين في تحديد موضع “سوق عكاظ” لكِن حُسِم الخلاف في هذا الزَّمن بتحديده في مكانٍ على طريق الطَّائف باتِّجاه الرياض، على بعد 45 كم تقريبًا، وفي هذه المساحة يتم الاجتماع في سوق عكاظ التاريخي الذي يُعد ملتقى للعرب، حقب ما قبل وبعد ظهور الإسلام، حيث القيم المعرفية بشتى ألوانها، وتواجد الأدباء، والشعراء، وكافة المهتمين بتاريخ العرب القديم، والندوات الثقافية، والأمسيات الشعرية والأدبية، إضافة لتنظيم عدداً من المسابقات والفعاليات على مستوى العالم العربي.

وفي هذا السياق، أثارت “جادة عكاظ “استدعاء سوق عكاظ من الماضي بعد فترة طويلة جاء لتحويل ماضي السوق إلى واقع حاضر واستشراف للمستقبل ذو أهمية في الوقت الحالي بكونه ملتقى شعريًا وفنيًا وتاريخيًا وتراثيًا فريدًا من نوعه، يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، مستمتعين بتلك القيم التي يقدمها السوق على مر العصور بخلاف المسابقة الشعرية والتي رصدت لها جوائز قيمة مما أدى إلى تنافس شريف بين الشعراء.

وقد تم إطلاق مهرجان سوق عكاظ الأول في عام 2007 والذي استقطب العديد من الزوار ومن جميع أنحاء العالم باعتباره صرحًا مهمًا وحدثًا ثقافيًا مميزًا يعقد سنويًا يسهم في تعزيز الاقتصاد السعودي، ويعد سوق عكاظ اليوم من أشهر المعالم السياحية المميزة في المملكة العربية السعودية والذي يجمع بين التاريخ العريق للمملكة والتطور الحضاري في الوقت المعاصر، ويعيد إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم، إضافة إلى الترفيه والفن، ليس هذا فحسب بل يتجدد سنويًا وفق التطورات بخطوات مباركة ومميزة أكثر ازدهاراً، ومجتمع أكثر حيوية، متمسكًا بالقيم الإسلامية، وبالهوية الوطنية الراسخة، ومواكب لرؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يريد أن يضع المملكة على أفاق المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى