التقارير

تقرير/ التشكيلات الصخرية لجبل الفيل تراث طبيعي بمحافظة العلا 

الرياض/عواطف الغامدي – مجلة عين المملكة 

بأقدام ثابتة في التاريخ وعيون متطلّعة إلى المستقبل، تسير محافظة العلا السعودية أو “عروس الجبال والآثار”، كما أطلق عليها البعض، بخطوات واثقة نحو التحول إلى مركز حضاري وسياحي في المنطقة، جامعةً بين الماضي والحاضر في مزيج فريد، بما تمتلكه المنطقة من كنوز مازالت تختبئ في زوايا الأماكن التاريخية والطبيعية والسياحية لمحافظة العلا، والتي تضم آثاراً تعود إلى أكثر من 300 سنة قبل الميلاد، أكبر تجمع لآثار للحضارات القديمة .
وتتميز المنطقة بصخرة جبل الفيل التي تقع على بعد سبعة كيلومترات إلى جهة الشرق من محافظة العلا، صخرة ضخمة يبلغ ارتفاعها عن الأرض 50 متراً، تميّزت بشكلها الفريد الذي يشبه الفيل، ويميل أكثر الى فيل الماموث الضخم الذي أنقرض منذ ملايين السنين، ويقع بالقرب من مدائن صالح المتواجدة بمحافظة العلا في المملكة العربية السعودية، ويقال إن هذا الجبل تكون بفعل التعرية الجوية الطبيعية عبر ألاف السنين، وتعتبر مدينة العلا من أهم المدن السياحية التي توجد في المملكة العربية السعودية حيث أنها توجد في المنطقة الشمالية الغربية من المدينة المنورة ويفصل بينها و بين المدينة حوالي ثلاثة مائة و سبعون كيلو متر مربع، وتتمتع بشهرة عالمية حيث تعتبر من أقدم المناطق التاريخية والأثرية على مستوى العالم أجمع, حيث أنه منذ فجر التاريخ تعتبر من أهم المراكز التجارية في المملكة، وقديما ضمن المدن التي كانت تقع على طريق القوافل التجارية، كما أنها كانت مركز يتجمع فيها خيرة التجار لاستقبال التجارة القادمة من قارة آسيا و قارة أفريقيا ودول منطقة جنوب شبه الجزيرة العربية للتجارة .

قبل 38 عاما، من المؤكد لم يدر بخلد الأستاذ عمر العلوان يرحمه الله بأن اكتشافه هذا أو على الأصح نشره لصورة الصخرة وإطلاقه عليها مسمى(جبل الفيل)،سيأخذ الزمان معه دورته الفلكية ليستقر به الحال فيكون أشهر معلم في العلا والمنطقة بأسرها .بل لا نبالغ إن قلنا اليوم بأن جبل الفيل هو أشهر معلم في الجزيرة العربية بعد اتخاذه أيقونة سياحية ونقطة جذب عالية الأهمية لزوار العلا خلال الأعوام الأخيرة، حيث تجولت عدسات كاميرات السواح في الأرض متخذين من عراب عروس الجبال عمر العلوان يرحمه الله قدوة في التحفيز والإيجابية ووقوع العين على كل جميل ومدهش بكامل إبهاره البصري لتنقل الجمال في أبهى صوره وبحب يصل حد هيام العشاق بروابي ومعالم العلا وصخورها المنحوتة حتى غدت القفار بأكملها متحفا ربانيا مفتوحا تحت السماء، ومع الأيام وتطور وسائل النقل التي تباري صعوبة وخطورة متاهات صحراء العلا إلى متعة
تصل حد اللذة، فكان لهواة التصوير خلال العقود القليلة الماضية هذا المخزون التراكمي من الثقافة الجمالية التي وجدت الطريق الأسرع نشرا، والأوسع انتشارا عبر وسائل التواصل في زمن القرية الكونية عبر الفضاء الالكتروني الرحب من خلال الصور التي التقطت ووثقت بديع صنع الله في أرض العلا وشارك أقطابها في معارض رسمية وأهلية داخل الوطن وخارجه محققين أعلى المراتب وأغلى جوائز التقدير والتشجيع لبوابات العلا البصرية الزاهية، فأصبحت عدسات المصورين من أهم أدوات التسويق السياحي، ومن أكثر أدوات الجذب للزائرين حيث صدق الشاعر الذي قال: والعين تعشق قبل الأذن أحيانا.

ولعل أبرز نموذج للتشكيلات الصخرية المميزة والمدهشة أيضا ولتي لا تكاد العين تصدق حقيقتها إلا بالرؤية المجردة لتفردها وفرط غرابتها بمجسم لفيلٍ عملاق، يتكون من بدن ضخم، وخرطوم يتدلى ليتصل بالأرض. وبتساقط الأمطار عليها، وتذويبها لبعض مكونات الصخر الرملي فيها، مظهراً جمالياً أضفى عليها جمالاً سطحياً، إضافة إلى جمالها التشكيلي الكلي المنحوت، وعلى الرغم من وجود نماذج مشابهة لتشكيل الفيل في أماكن متفرقة من العالم، إلَّا أن مجسم صخرة الفيل في العلا، يظل متفرداً عنها جميعاً، فهو أكثرها اتساقاً وجمالاً في تكوينه، والبيئة المحيطة تكسوها الرمال الصفراء الناعمة، ومجموعة من الجبال والمرتفعات الصخرية ذات الألوان الفاتحة، بعضها يأخذ أشكالاً مميزة، وبعضها عليه كتابات ورسومات صخرية ربما تكون أثرية، ينتشر في المكان الهواء الصحراوي النقي، البعيد عن أجواء المدن التي تعاني من الزحام والتلوث، لتختلط الألوان بالرمال، والجبال، مع الأجواء النقية، ومع الجمال التشكيلي للصخرة لتضفي جميعها على المكان جمالاً استثنائياً ليس على المستوى المحلي فقط، بل وعلى المستوى العالمي. ولهذا تمثل هذه المنطقة مكاناً ملائماً لقضاء وقتاً ممتعاً، وللقيام ببعض الأنشطة السياحية البيئية مثل التخييم ، والتي تتوافق مع ميول الكثير من السائحين ممن يستهويهم السياحة البيئية. وهي في حاجة إلى إلقاء الضوء عليها أكثر وأكثر، وتحديد محيط للتشكيل الصخري يمثل حرماً يحميه من التعدي، وحماية محيط المكان ككل، والذي يمكن تهيئته، وإدخال بعض التطويرات عليه وتأهيله ليكون ضمن مواقع التراث الطبيعي العالمي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى