التقارير

تقرير/ مسجد التوبة معلم تاريخي في المملكة

الرياض / عواطف الغامدي – مجلة عين المملكة 

تجسدت المرحلة التاريخية التي يمثلها مسجد التوبة في مدينة تبوك بالأحداث التي تزامنت غزوة تبوك، ذلك المسجد الأثري أو ما يعرف عند أهالي مدينة تبوك بمسجد الرسول. وتعود نشأته إلى غزوة تبوك وذلك في السنة التاسعة من الهجرة لملاقاة جيش الروم آنذاك، في غزوةٍ أضاف بعد المسافة عن المدينة المنورة واشتداد الحر مشقة عليها: فسُمي الجيش حينها بجيش العسرة .
يروي لنا الباحث في تاريخ منطقة تبوك الدكتور مسعد العطوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم اختطّه بيده الشريفة عند البئر وكانت هي المصدر الوحيد للماء في المنطقة، حيث أقام الرسول في تبوك بضعة عشر يوماً وأدى الصلاة جماعة مع أصحابه في هذا المكان الشريف والذي عُرف بعد ذلك بمسجد الرسول طوال مدة إقامته، فيما ذكر بعض الباحثين بتسميته بمسجد ” التوبة ” نسبة إلى سورة التوبة التي نزلت بعد غزوة تبوك، والذي بقي على هذا المسمى حتى وقتنا الحالي .وذكر أن مسجد التوبة من المساجد التي بناها الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – في عام 98هـ، وقد كان عبارة عن سور تحيط به بعض المواقع ، وقد جُدد بعد ذلك عدة مرات إلى أن زاره الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – سنة 1393هـ فأمر بإعادة بنائه من جديد على طراز الحرم النبوي الشريف، وتم ما أراد خلال عام واحد، وظل على حاله حتى اليوم مع العناية التامة به من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف، حيث يتسع المسجد لثلاثة آلاف مصلي .

وأضاف: يعتبر المسجد هو النواة التي تشكلت منها مدينة تبوك بأحيائها وأسواقها، حيث ظل حجاج الشام يستقرون حوله أثناء رحلتهم لأداء فرضية الحج وعند عودتهم، لما يشكله من معلم هام، تجاوره قلعة تبوك التي كانت هي الأخرى ذات أهمية، ومعلم من معالم المنطقة القديمة ، وإلى القرب منه تقع أقدم أسواق منطقة تبوك المسماة حاليا ” بالجادة ” تلك الوجهة الاقتصادية لأهالي المنطقة منذ 200 عام ، مشيراً إلى أن زائري تبوك يحرصون على زيارة “مسجد التوبة ” ومشاهدة ما يحويه من موروث حضاري قديم, ومعالم وذكرى ارتبطت بالسيرة العطرة لنبي الرحمة والهدى عليه الصلاة والسلام، وبجوار المسجد بعض الأماكن  الآثرية ك”عين السكر” وترجع أهمية هذه العين في أن رسول الله صل الله عليه و سلم عندما مربها قام بغسل وجهه و يديه فجرت العين مياه وفيرة فاستقى كل الناس، وقال لمعاذ بن جبل : « يوشك يا معاذ إن طالت بك الحياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا »

يذكر أن دارة الملك عبدالعزيز قد وثقت المكانة الحضارية والتاريخية والدينية لمنطقة تبوك، حيث يعود تواجد المدينة إلى ما قبل 500 سنة قبل الميلاد، وحدثت بها غزوة تبوك التي تعد آخر الغزوات التي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم في رجب من عام 9هـ بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر، وكانت ممراً للقوافل التجارية من الجنوب للشمال .
وأكدت الدارة أن منطقة تبوك تعتبر أرض مدين التي ورد ذكرها في التاريخ، وهي غنية بالآثار القديمة، مثل قلعة تبوك والتي يقدر عمرها بحوالي 3500 سنة، إلى جانب مسجد ” التوبة ” ومحطة سكة حديد الحجاز والحصون وعين السكر التي تعتبر من أقدم العيون بالمنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى