التقارير

المسجد الحرام و مراحل بنائه عبر العصور

سلوى بن حريز المري/ جدة/ عين المملكة 

المسجد الحرام هو أعظم مسجد في الإسلام ويقع في قلب مكة المكرمة غرب المملكة العربية السعودية، تتوسطه الكعبة المشرفة التي هي أول بيت وضع للناس على وجه الأرض، و  أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين. والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في الصلاة والحج، وسمي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه منذ دخول النبي محمد عليه الصلاة والسلام إلى مكة المكرمة منتصراً، والصلاة فيه تعادل مئة ألف صلاة.

والمسجد الحرام هو أول المساجد الثلاثة التي تَشُدّ إليها الرحال. فقد قال النبي محمد عليه الصلاةوالسلام : ” لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى.

ويبدأ تاريخ المسجد بتاريخ بناء الكعبة المشرفة، وقد بناها أول مرة الملائكة قبل آدم عليه السلا م وكانت من ياقوتة حمراء، ثم رفع ذلك البناء إلى السماء أيام الطوفان، وبعد الطوفان قام النبي إبراهيم مع ابنه إسماعيل عليهما السلام، بإعادة بناء الكعبة، بعد أن أوحى الله إلى إبراهيم مكان البيت .

وهـكذا أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام ببناء البيت الحرام, ولقد جاء إبراهيم عليه السلام جبريل عليه السلام بالحجر الأسود، ولم يكن في بادئ الأمر أسود بل كان أَبْيَضَا يتلألأ من شدة البياض وذلك لقول الرسول ﷺ «الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك».

وبقيت على حالها إلى أن تم إعادة بنائها على يد قريش في الجاهلية، بعد عام الفيل بحوالي ثلاثين عاماً بعد أن حدث حريق كبير بالكعبة، نتج عن محاولة امرأة من قريش تبخير الكعبة فاشتعلت النار وضعف البناء، ثم جاء سيل حطم أجزاء الكعبة، فأعادت قريش بناء الكعبة، حضر النبي عليه الصلاة والسلام ذلك المشهد، وكان يبلغ من العمر 35 سنة، وشارك بنفسه الشريفة أعمامه في العمل، حيث وضعه بيده الشريفة في مكانه، وكان قصي بن كلاب أحد أجداد النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام أول من سَقْف الكعبة، حيث قام بسقفها بخشب الدوم وجريد النخيل، وذلك قبل بناء قريش للكعبة بزمن طويل.

وقد بلغت مساحة المسجد الحرام في عهد النبي محمد عليه الصلاة والسلام 1490 مترا مربعا، وقد كان المسجد في عهده بلا جدار يحيط به ولا باب يغلق عليه وبقي المسجد على حاله في خلافة أبي بكر الصديق، وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب وتحديدا سنة 17هـ بدأت أعمال التوسعة الأولى للمسجد الحرام، بعدما أفسد سيل أم نهشل مباني المسجد الحرام، فقد انحدر السيل من جانب المسعى وأحدث تلفاً عظيماً في المباني، ولضيق المسجد بالمصلين رغب عمر بتوسعة المسجد، فاشترى الدور الملاصقة للمسجد الحرام وضمها له، وأقام جداراً حوله، وجعل له أبواباً، ووضع عليه مصابيح كي تضيء بعد سدول الظلام، وعمل سداً لحجز ماء السيول عن الكعبة وتحويلها إلى وادي إبراهيم المجاور، وتعتبر أعمال عمر بن الخطاب، هي أول توسعة للمسجد الحرام في العصر الإسلامي.

واستمر المسجد الحرام على هذا الوضع إلى سنة 26 هجرية أي في عهد الخليفة عثمان بن عفان، حيث بدأت أعمال التوسعة الثانية للمسجد الحرام، وكانت بعد التوسعة الأولى بحوالي 10 سنوات، وذلك عندما رأى الخليفة عثمان بن عفان ازدياد السكان بمكة، وازدياد ضيوف الرحمن لانتشار الإسلام السريع، فقرر توسعة المسجد الحرام، وبدأت أعمال التوسعة في سنة 26 هـ، وذلك عن طريق شراء الدور الملاصقة للمسجد وضم أرضها، ومع هذه التوسعة جدد المسجد تجديداً شاملاً وجعل في المسجد أعمدة من الرخام، وأدخل الأروقة المسقوفة، فكان أول من اتخذ الأروقة وبذلك نُسب إليه الرواق العثماني.

أما التوسعة الثالثة فكانت إبان حكم عبد الله بن الزبير، وقد أعاد بناء الكعبة بعدما أصابها من الحريق الذي شب في الكعبة أثناء حصار يزيد لمكة في نزاعه مع عبد الله بن الزبير، وبعد أن توفي يزيد كان أمام عبد الله بن الزبير أمران: إما أن يرمم الكعبة أو أن يهدمها ثم يعيد بنائها، فقرر هدم الكعبة وأعاد بنائها على قواعد النبي إبراهيم، وكان ارتفاعها سبعة وعشرون ذراعا وعرض جدرانها ذراعين كما جعل لها بابين (شرقي للدخول وغربي للخروج)، كما قام ابن الزبير بتوسعة المسجد الحرام، وقد تمت هذه التوسعة في السنة الخامسة والستين هجرية، وضاعفت من مساحة المسجد وبلغت مساحته عشرة آلاف متر مربع.

وفي عهد عبد الملك بن مروان قام الحجاج بهدم ستة أذرع من الكعبة وبناها على أساس قريش وسد الباب الغربي وسد ما تحت عتبة الباب الشرقي لارتفاع أربعة اذرع ووضع مصراعان يغلقان الباب.

وفي عهد الوليد بن عبد الملك كانت عمارة التوسعة الرابعة للمسجد وذلك في سنة 91 هجرية، وذلك بعد سيل جارف أصابها، وقد زاد من مساحة المسجد، وأجمع الكثير من المؤرخين على أن الوليد بن عبد الملك كان أول من استعمل الأعمدة التي جلبت من مصر والشام في بناء المسجد الحرام، وكان عمل الوليد عملاً محكمًا بأساطين الرخام، وقد سقفه بالساج، وجعل على رؤوس الأساطين الذهب وأزّر المسجد من داخله بالرخام، وجعل على وجــــوه الطيقـــان الفُسَيْفساء، وشيد الشرفات ليستظل بها المصلون من حرارة الشمس، وقدرت زيادته بـ (2805) متراً.

ولم يعمر أحد المسجد الحرام منذ توسعة الوليد من بقية خلفاء بني أمية أو بداية الخلافة العباسية، حتى جاء عهد الخليفة العباسي الثاني أبي جعفر المنصور الذي زاد في توسعة المسجد الحرام سنة 137 هجرية، فأضاف إلى مساحته من الشمال والغرب، وكانت زيادته ضعف الزيادة السابقة (أي توسعة الوليد بن عبد الملك). وقد أمر أبي جعفر المنصور بتشييد منارة بالركن الشمالي والغربي، كما أمر بتبليط حجر إسماعيل بالرخام وأمر بتغطية فوهة بئر زمزم بشباك لمنع السقوط بالبئر.

وعندما حج الخليفة العباسي الثالث محمد المهدي حجته الأولى سنة 160 هجرية، أمر بزيادة مساحة المسجد الحرام إلى ضعف مساحته التي كان عليها، وكانت التوسعة من الجانبين الشمالي والشرقي، ولكن بهذه الزيادة لم تبق الكعبة في الوسط، وحينما لاحظ محمد المهدي ذلك أثناء حجته الثانية سنة 164هـ أصدر أمره بتوسعة الجانب الجنوبي، وصعد محمد المهدي على جبل أبي قبيس ليتأكد من أن الكعبة في وسط الفناء، ولما كان وجود مجرى السيل في هذه الجهة عائقاً فنياً في سبيل التوسعة من الناحية الجنوبية، أمر محمد المهدي بتحويل مجرى السيل، وإكمال مشروع التوسعة من الجنوب، إلا أنه لم يعش ليرى إتمام عمله، فأكمله ابنه موسى الهادي في عام 167 هـ، وبهذه الزيادة تضاعفت مساحة المسجد الحرام .

وفي سنة 281هـ وفي عهد المعتضد شهد المسجد الحرام بعض الترميمات والتوسعة، وأمر المعتضد بهدم دار الندوة وجعلت رواقاً من أروقة المسجد، وأدخل فيها من أبواب المسجد ستة أبواب كبيرة، وأقيمت فيه الأعمدة، وسقف بخشب الساج، كما عمل لها أثنى عشر باباً من الداخل، وثلاثة أبواب من الخارج، وتمت الزيادة في ثلاث سنوات.
وفي سنة 306هـ، أضاف المقتدر بالله مساحة دارين للسيدة زبيدة إلى مساحة المسجد، وجعل لها باباً كبيراً وهو المعروف باسم باب إبراهيم، وكانت هذه آخر زيادة في مساحة المسجد الحرام، ولم يشهد المسجد الحرام توسعة طيلة حكم الفاطميين، والأيوبيين، والمماليك، وإنما اقتصر العمل في المسجد خلال هذه الحقبة على الترميم والإصلاح.

وفي العصر المملوكي لم يشهد المسجد الحرام أي زيادة أو توسعة خلال هذا العصر، ولكنهم اهتموا بعمارته، حيث في سنة 727هـ-1423م جهز السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون المال والصنع والآلات لإصلاح سقوف المسجد الحرام التي تشعثت، كما تم ترميم عدة جدر هدت.

وفي سنة 1369م، أمر السلطان الأشرف شعبان بعمارة مئذنة باب الحزورة التي كان بناها الخليفة العباسي المهدي، والتي كانت قد سقطت بسبب أمطار غزيرة،وكان الإنتهاء من عمارتها في سنة 772هـ-1370م، وتم تسجيل ذلك في نقش إنشائي على أسطوانة باتجاه باب العمرة.

وفي عهد السلطان فرج بن برقوق تم تعمير المسجد الحرام عدة مرات حيث توجد ثلاثة نقوش مؤرخة في سنة 804هـ-1402م تثبت ذلك، وتعتبر أعمال فرج بن برقوق من أهم العمارات في هذا العصر وذلك ابتدأ من عام 802 هـ المعروف بعام الحريق، وذلك بعدما اجتاحت النيران من نفس السنة رباط رامشت الملاصق لـباب الحزورة بالجانب الغربي من المسجد، وانتقلت النيران لسقف المسجد، وعمت الجانب الغربي وأجزاء من الرواقين المقدمين من الجانب الشمالي، وكان هذا تخريب لحوالي ثلث المسجد ودمر 130 عمود، فقام السلطان فرج بن برقوق بإصلاح ما أفسدته النيران وترميم المسجد الحرام.

وفي عهد السلطان الأشرف برسباي وتحديدا في سنة 825هـ-1421 تم تعمير باب الجنائز وجعل له عقدين، كما تم تعمير أماكن أخرى، حيث تم نصب أخشاب جوانب المسجد الحرام، وقد أرخ لهذه العمارة بنقش إنشائي وضع بين عقدتي نافذتي باب النبي.

وفي عهد السلطان الظاهر جقمق تم إصلاح ما خرب من مئذنة باب علي، كما تم تبييض مئذنة باب العمرة ومئذنة باب السلام، بالإضافة إلى إصلاح سقف المسجد الحرام وتمت هذه الأعمال على يد الأمير سودون المحمدي.

وفي 16 من شهر شوال سنة 846هـ-1442م شرع الأمير تنم بأمر من السلطان جقمق في هدم سقف الرواق الغربي من المسجد الحرام، وسقف بعضه استكمالا لعمارة سودون المحمدي، وفي 15 ربيع الأول سنة 848هـ-1444م، عمر الأمير تنم أيضا عدة مواضع من المسجد الحرام، حيث أكمل سقف المسجد الحرام من ناحية الصفا في نفس السنة وذلك في شهر جمادى الأولى،كما أكمل سقف الرواق الغربي من المسجد الحرام.

وفي سنة 849هـ-1445م بني الجانب الشمالي والنصف الذي يليه من الجانب الغربي من المشعر الحرام وتم تبييضها أيضا، حيث أن هذه النواحي خربت من السنة السابقة (أي سنة 1444م)، وقد تمت العمارة على يد الأمير كزرل المعلم وهو أمير الأجناد بمكة المكرمة.

أما في سنة 852هـ-1448م فقد عمر ناظر الحرم بيرم خجا قطعة من جدار الحرام في الجانب الشرقي منه، والذي يقع فيه باب رباط السدرة، كما جدد سبعة عقود في الرواق القبلي من الجانب الشمالي، إذ يوجد نقش مؤرخ في شهر رجب من سنة 852هـ-1448م يؤخ لهذه العمارة محفوظ في معرض عمارة الحرمين الشريفين بمكة المكرمة.

وفي عهد الأشرف قايتباي عمر المسجد الحرام عدة مرات، أولها في سنة 873هـ-1468م حيث ابتدأ الأمير شاهين في إصلاح المسجد من الجانب الشمالي، وتم إصلاح ما في سطح المسجد من الخرب بالخشب والجص، كما تم تبيض داخل المسجد وأبوابه والقبب الثلاث. وفي سنة 875هـ-1470م أمر الأشرف قايتباي أن يفرش المسجد الحرام بالبطحاء، كما أمر بترميم وعمارة وإصلاحات في المسجد الحرام شملت بئر زمزم ومقام إبراهيم وحجر إسماعيل ومواضع أخرى.

أما في عهد السلطان قنصوه الغوري سنة 916هـ- 1510م تم تعمير الرواق الشمالي من المسجد الحرام على يد خاير بيك المعمار.

أما في سنة 917ه/1511م عمر الأمير خاير بك باب إبراهيم بعقد كبير، وقد عمر أيضا حجر إسماعيل حيث هدمه جميعه وبناه مرة أخرى وصنع من الرخام في الداخل والخارج، ونقش في أعلى حجر إسماعيل إسم السلطان قنصوه الغوري وأسماء من عمروه قبله.

انتقلت السيادة على الحجاز إلى العثمانيين، ويعتبر السلطان سليمان القانوني أول من قام بترميم المسجد الحرام، حيث أمر بترميم منارة باب علي بعد سقوطها.

وفي سنة 959هـ-1551م، تم ترميم أبواب المسجد الحرام، كما تم تجديد الأعمدة والأروقة وإعادة بناء الباب البحري وباب إبراهيم في الجهة الغربية، كما تم ترميم الرواق الشمالي لباب الندوة، وإعادة بناء ثلاثة مآذن وهي مئذنة الركن الشمالي الشرقي ومئذنة قايتباي في الجهة الشرقية ومئذنة باب العمرة.

وفي سنة 966هـ/1558م، أرسل السلطان سليمان القانوني منبرا جديدا هدية للمسجد وهو من المرمر الناصع البياض بدلا من منبره الخشبي السابق، ومنذ ذلك الوقت لم يعد يستخدم المنبر الخشبي، وفي سنة 972هـ-1564م، أمر السلطان سليمان في فرش المطاف حيث سُدت البلاطات بالنورة الرصاص وتسمرت بمسامير الحديد،واستمر فرش المطاف الشريف على هذا النمط إلى أن تم ذلك وفرشوا المسجد الحرام جميعه بالجص] كما تم عمل منارة جديدة عرفت بأسم منارة سليمان القانوني، وكانت قبل ذلك تُعرف بمنارة الحكمة.

في 1880 م (1297 هـ).
وبعد تولي السلطان سليم الثاني الخلافة أجريت العمارة الأولى للمسجد الحرام بعد زوال دولة المماليك وذلك عام 979 هـ / 1571 م، حينما وصلت إليه الأخبار (أي سليم الثاني) بأن باب الرواق الشرقي من المسجد مال ميلا عظيما نحو الكعبة المشرفة بحيث برزت رؤوس خشب السقف منه عن محل تركيبها في جدار المسجد، حيث صدر أمر السلطان بسرعة عمارة المسجد الحَرَام، وتجديد سقف الأروقة الأربعة للمسجد الحرام، كما تم عمل سقفه من القباب بدلا من السقف المسطح المصنوع من الخشب.

أما بالنسبة للأساطين قبل عمارة السلطان سليم الثاني فكانت مبنية على نسق واحد في جميع الأروقة ولكن ظهر لهم أن هذا الوضع المعماري لا يستطيع أن يقوى على تركيب القبب عليها بسبب قلة استحكامها وعدم قدرتها على تحمل القبب التي لا ترتكز إلا على أربعة أساطين قوية التحمل، لذلك فكروا في إدخال دعامات أخرى بين أساطين الرخام الأبيض.

وفي عهد إبنه السلطان مراد الثالث أمر بأستمرار العمل بعد وفاة والده، فاستمر العمل حتى تم الإنتهاء من عمارة الجانبين الجنوبي والغربي من المسجد وذلك في سنة 984هـ/1576م،كما تم تبييض جميع الأروقة،حيث استغرقت عملية الهدم والبناء أربع سنوات، وبعد توسعة سليم الثاني وإبنه مراد الثالث أصبحت مساحة المسجد الحرام 28003م2، و أصبح المسجد الحرام نزهة للناظرين .

وفي عهد السلطان أحمد الأول، حدث تصدع في جدران الكعبة وكذلك في جدار الحجر، وكان من رأي السلطان أحمد هدم بناء الكعبة وإعادة بنائها من جديد لكن علماء الروم (أي الأتراك) أما المهندسين فأشاروا عليه بدلا من ذلك بعمل نطاقين من النحاس الأصفر المطلي بالذهب واحد علوي وآخر سفلي، ورغم ذلك لم تصمد الكعبة طويلا وتهدمت جدرانها عقب أمطار غزيرة عام 1039 هـ، فأمر السلطان مراد الرابع بتجديدها على أيدي مهندسين مصريين عام 1040 هـ،حيث تم إصلاح وترميم المسجد بأكمله وفرشت أرضه بالحصى، وفي سنة 1045هـ/1635م تم فرش المسجد بالحصباء وأصلحت المماشي.

أما في عهد السلطان محمد الرابع تم إصلاح وترميم المنائر السبع، كما أمر بزيادة مساحة حاشية المطاف وتم فرشها بالحجارة المنحوتة وذلك عام 1072هـ-1661م.

وفي سنة 1112هـ-1700م أمر السلطان مصطفى الثاني بعمارة المسجد، وأجريت فيه ترميمات واسعة شملت أطراف المسجد، وعمرت المماشي، وطبطاب في باب الزيادة، والرفرف الذي على باب السلام فتم تجديده بأخشاب جديدة، ورممت المنارات.

وفي عهد السلطان أحمد الثالث تم ترميم المسجد وفرش بعض نواحي باب السلام بالحجارة، وأزيل ما في المسجد من الطبطاب، وفرش بالحجارة المنحوتة وذلك سنة 1134هـ-1721م،

أما في عهد السلطان عبد الحميد الأول فقد تم ترميم مئذنة باب العمرة، وأحدثت أرصفة تتخلل حصوات المسجد، تبدأ من صحن المطاف وتتجه إلى باب السلام، وباب علي، وباب الصفا، وباب إبراهيم، وباب العمرة حتى لا يسبب مرور القاصدين المطاف من هذه الأبواب أي تخط للمصلين في الحصوات، كما تم تجديد بعض القبب وقواعد الأعمدة في بعض أروقة المسجد.

وفي عهد السلطان محمود الثاني تم تعمير وترميم المسجد، حيث قام والي مصر محمد علي باشا سنة 1229هـ/1814م بإرسال المهمات والمواد اللازمة لعمارة المسجد الحرام، حيث تم ترميم وتجديد سطح المسجد،.

وفي سنة 1257هـ-1841م أمر السلطان عبد المجيد الأول بمجموعة من الإصلاحات بالمسجد، شملت بعض الأعمدة والمماشي، وزيادة ممشى باب الصفا، كما تم تبييض جميع المسجد الحَرَام. وفي سنة 1266هـ/1850م أمر السلطان عبد المجيد الأول بإجراء إصلاحات عامة في المسجد، وتم خلالها رصف الردهة الداخلية لباب السلام بالمرمر.

وفي سنة 1334هـ/1915م، أمر السلطان محمد الخامس بعمارة وإصلاح جميع الأضرار التي تعرض لها المسجد بسبب السيل المعروف باسم سيل الخديوي، نسبه إلى خديوي مصر عباس حلمي الثاني الذي حج في سنة 1327هـ-1909م وهي نفس السنة التي حدث فيها السيل.وبسبب الحرب العالمية الأولى وقيام الثورة العربية الكبرى تم وقف العمل بترميم المسجد الحرام.

وبعد إقامة الدولة السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن وتسلمه الولاية العامة على أرض الحجاز عام 1344هـ، أمر بتشكيل إدارة خاصة سُميت مجلس إدارة الحرم كان من مهامها القيام بإدارة شؤون المسجد الحرام ومراقبة صيانته وخدمته بإجراء ترميمات وصيانة شاملة للحرم المكي بأسرع ما يكون الإنجاز، وقد نفذت أوامره في نفس تلك السنة قبل مجيء الحجاج، وفي عام 1346 هـ تم ترميم الأروقة وطلاء الجدران والأعمدة وإصلاح قبة زمزم، كما تم تركيب مظلات لوقاية المصلين من حرارة الشمس وتبليط ما بين الصفا والمروة بالحجر، وفي شعبان 1347هـ تم تجديد مصابيح الإنارة في المسجد الحرام وزيادتها حتى بلغت حوالي ألف مصباح، أما في 14 صفر 1373هـ فقد أدخلت الكهرباء إلى مكة المكرمة وأُنير المسجد الحرام كما تم وضع المراوح الكهربائية في المسجد الحرام، وتسمى هذه التوسعة: بالتوسعة السعودية الأولى.
وقد أصبحت مساحة المسجد الحرام بعد التوسعة الأولى تستوعب أكثر من ثلاثمئة ألف مُصَلٍّ في وقت واحد وفي صورة اعتيادية مريحة. وفي حالات الزحام تستوعب أكثر من 400.000 مصل.

أما التوسعة السعودية الثانية فقد استمر العمل فيها بصورة متجددة من عام 1375هـ إلى عام 1396هـ على أربعة مراحل .

وكان كل عهد من العهود الثلاثة في هذه التوسعة يحمل تنفيذا متميزا عن الذي يليه، فمرحلة عهد سعود بن عبد العزيز تميزت بعمليات نزع ملكيات العقارات المجاورة للحرم ناحية المسعى وأجياد ثم هدمت العقارات المنزوعة، وتم بناء المسعى من طابقين، لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين، حيث بلغ طول المسعى من الداخل 5، 394 متراً، وعرضه 25 متراً، وبلغ ارتفاع الطابق الأرضي للمسعى 12 متراً، أما الطابق العلوي 9 أمتار،وأقيم في وسط المسعى حاجز يقسمه إلى قسمين طويلين، خصص أحدهما للسعي من الصفا إلى المروة، والآخر من المروة إلى الصفا، لتيسير السعي، ومنع التصادم بين الساعين ذهاباً وإياباً، وأنشئ للمسعى 16 باباً في الواجهة الشرقية، كما خصص للطابق العلوي مدخلان، أحدهما عند الصفا، والآخر عند المروة، وبني لهذا الطابق سلمان من داخل المسجد، أحدهما عند باب الصفا، والآخر عند باب السلام.

وقد أصبحت مساحة المسجد الحرام بعد هذه التوسعة 193 ألف متر مسطح، مما جعل الحرم يتسع لحوالي 400 ألف مُصَلٍّ، وشملت هذه التوسعة كذلك ترميم الكعبة المشرفة وتوسعة المطاف بتجديد مقام إبراهيم عليه السلام.

أما في عهد فيصل بن عبد العزيز فقد تم عقد مؤتمر في مكة المكرمة ضم عددا كبيرا من المهندسين المعمارين المسلمين عام 1387هـ لطرح البدائل الممكنة لتطوير التصاميم، وأن يتم عمل تصاميم العمارة الجديدة بأفضل أساليب الدمج التي تحقق أعلى مستوى من الانسجام بين القديم والجديد، وكان ما أراد.
وفي الخامس من صفر عام 1389هـ بدأت مرحلة أخرى نتج عنها إضافة جناحين إضافيين، وتجديد المبنى القديم للحرم، وشقت لهذه المرحلة الطرق المحيطة به، وأنشئت الميادين والمحلات التجارية وبلغت تكلفة المشروع حوالي 800 مليون ريال سعودي في ذلك الوقت.
كما أمر الملك فيصل بإعادة فتح مصنع الكسوة (الخاصة بكسوة الكعبة) بـمكة المكرمة عام 1382هـ، واستكملت أروقة الدور الثاني في عهد الملك خالد، كما تم عمل مشارب بئر زمزم إضافة إلى أعمال الترميمات والتجهيزات المستمرة، كما زاد الاهتمام بالطرق الموصلة للحرم الشريف، وتنفيذ مجموعة من الأنفاق عبر الجبال المحيطة بالحرم، وتم افتتاح مبنى مصنع الكسوة (بأم الجود) عام 1397هـ.

وفي الثاني من شهر صفر عام 1409هـ قام الملك فهد بوضع حجر الأساس لتوسعة المسجد الحرام، والتي تسمى بالتوسعة السعودية الثالثة، والتي كانت حتى ذلك الوقت أكبر توسعة للمسجد الحرام منذ أربعة عشر قرناً وتضمنت التوسعة إضافة جزء جديد على مبنى المسجد الحالي من الناحية الغربية في منطقة السوق الصغير، بين باب العمرة وباب الملك، وتبلغ مساحة أدوار مبنى التوسعة 76,000 م2 موزعة على الدور الأرضي، والدور الأول، والقبو، والسطح، وتتسع لحوالي (152,000) مُصَلٍّ.
ويشمل المشروع تجهيز الساحات الخارجية، ومنها الساحة المتبقية من جهة السوق الصغير، والساحة الواقعة شرقي المسعى بمساحة إجمالية تبلغ 85.800 م2 تكفي لاستيعاب 195.000 مُصَلٍّ.وبذلك تصبح مساحة المسجد الحرام شاملة مبنى المسجد بعد توسعته والسطح وكامل الساحات حوالي 356,000 م2، تتسع لحوالي 773,000 مُصَلٍّ في الأيام العادية، أما في أوقات الحج، والعمرة، ورمضان فيزيد استيعاب الحرم ليصل إلى أكثر من مليون مُصَلٍّ، كما يضم مبنى التوسعة مدخلاً رئيسياً جديداً، و18 مدخلاً عادياً،بالإضافة إلى مداخل المسجد الحرام الحالية، والبالغ عددها 3 مداخل رئيسية، و27 مدخلاً عادياً، وقد روعي في التصميم إنشاء مدخلين جديدين للبدروم، إضافة إلى المداخل الأربعة الحالية، ويتضمن مبنى التوسعة أيضاً مئذنتين جديدتين بارتفاع 89 متراً، تتشابهان في تصميمهما المعماري مع المآذن البالغ عددها سبع مآذن.
و تم إضافة مبنيين للسلالم المتحركة:أحدهما في شمالي مبنى التوسعة، والآخر في جنوبيه، ومساحة كل منهما 375 متراً مربعاً، ويحتوي كلاهما على مجموعتين من السلالم المتحركة، طاقة كل مجموعة 15.000 شخص في الساعة، كما تم إضافة مجموعتين من السلالم المتحركة داخل حدود المبنى على جانبي المدخل الرئيسي للتوسعة وقد صممت السلالم المتحركة بحيث تستطيع بالإضافة إلى وحدات الدرج الثابت التي تبلغ الثماني خدمة حركة الحجاج والمصلين في أوقات الذروة، لا سيما كبار السن منهم دون عناء، وبذلك يصبح إجمالي عدد مباني السلالم المتحركة 7، تنتشر حول محيط الحرم والتوسعة لخدمة رواد الدور الأول والسطح.

وقد بلغ عدد الأعمدة لكل طابق بالتوسعة 492 عموداً مكسوة جميعها بالرخام، وقد بلغت تكاليف مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد لتوسعة المسجد الحرم الشريف بمكة المكرمة بما في ذلك نزع الملكيات حولي 30,178.181.775 ريالاً سعودياً، حوالي 165، 818، 316، 11 دولار واستمر العمل الجاد في هذه التوسعة حتى اكتملت بصورتها النهائية المبتغاة عام 1414 هـ..

وفي عهد الملك عبدالله والملك سلمان كانت أعمال التوسعة تتم من خلال ثلاثة محاور رئيسية، الأول هو توسعة الحرم المكي ليتسع لمليوني مُصَلٍّ، والثاني الساحات الخارجية، وهي تحوي دورات المياه والممرات والأنفاق والمرافق الأخرى المساندة والتي تعمل على انسيابية الحركة في الدخول والخروج للمصلين. أما الثالث فمنطقة الخدمات والتكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها، وتصل مساحة التوسعة إلى 750.000 متر مربع، ويشتمل المشروع على توسعة ساحات الحرم من جهة الشامية، تبدأ من باب المروة وتنتهي عند حارة الباب وجبل هندي بالشامية وعند طلعة الحفائر من جهة باب الملك فهد. وهذه التوسعة عبارة عن ساحات فقط ومقترح إنشاء 63 برجاً فندقياً عند آخر هذه الساحات. وتوسعة صحن المطاف بإزالة التوسعة العثمانية وإعادة أجزائها وتركيبها لاحقاً بما يتناسب مع التوسعة الجديدة وتوسيع الحرم من الجهات الثلاث وقوفاً عند المسعى، حيث أن المسعى ليس من الحرم وتوسيع الحرم من جهة أجياد، كما تتم تعلية أدوار الحرم لتصبح 4 أدوار مثل المسعى الجديد حالياً، ثم تعلية دورين مستقبلاً ليصبح إجمالي التعلية 6 أدوار، وتشمل توسعة الحرم من ناحية المسفلة بهدم فندق الإطلالة وفندق التوحيد إنتركونتيننتال.

بدأ العمل في إزالة جسر المطاف المؤقت في 25 جمادى الآخرة 1437هـ من الجهة الغربية من صحن المطاف ومن خلال ثماني مراحل كان الأولوية منها في إزالة الحلقة الرئيسية للجسر ومن ثم الجسور الأربعة المؤدية إليها، وانتهت أعمال الإزالة في 7 شعبان 1437هـ. تضمنت أعمال الإزالة تفكيك 84 عمود من و416 كمرة رئيسية ونقلها خارج المسجد الحرام، وبما لا يؤثر على حركة سير الطائفين. بعد إزالة الجسر المؤقت ارتفعت الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف من 19 ألف طائف بالساعة إلى 30 ألف طائف بالساعة، ليبلغ عدد الطائفين في جميع أداور الحرم إلى 107 آلاف طائف في الساعة، كما ظهر صحن المطاف ليتمكن فيه الطائفون من رؤية الكعبة المشرفة مباشرة دون أي عوائق بصرية.

 

رسمة للمسجد الحرام في العهد العثماني عام 1850م

المسجد الحرام في العهد العثماني عام 1880م

المسجد الحرام عام 1910م

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى