القصور التاريخية “مجموعة بوتيك” بين عراقة الماضي وحداثة الحاضر
:سلوى بن حريز المري/ عين المملكة
مبان تحمل بين أزقتها قصصاً من كتب التاريخ، تشهد على أهمية من مروا من هنا، وتنقل إليك أصواتهم التي تسمعها عندما تلصق مسمعك على جدرانها. تحف معمارية فريدة شيدها كبار القوم، قصور أبدع مشيدوها في بنائها باستخدام مواد البناء المحلية في عمارتها، ووقوع كثير منها في مراكز المدن جعلها علامة مميزة للوحدة، وعناصر بارزة للتراث العمراني في مواقعها.إذ تحتضن منطقة الرياض عاصمة البلاد عديداً من القصور التي تعكس تاريخ وفترات بنائها وتطورها.
إذ يرى الأكاديمي المتخصص في إدارة موارد التراث فهد الحسين، أن أبرز مجموعات القصور الطينية في مدينة الرياض، هي الواقعة شمالاً خارج أسوار مدينة الرياض القديمة. وتتوزع هذه القصور بين أحياء الظهيرة، وحوطة خالد، والسويدي، وحي الفوطة، ويبلغ عددها خمسة عشر قصراً.
ويضيف “تسعة قصور منها تقع في حي السويدي وحوطة خالد الواقعان شرق حي الفوطة. وهي قصر الشمسية، والقصر الأحمر، وقصر الملك فهد، وقصر الملك عبدالله، وقصر الأميرة هيا بنت عبد الرحمن، وقصر الأمير سلطان، وقصر الأميرة العنود، وقصر والدة الملك فيصل الأميرة طرفه آل الشيخ، وقصر الأمير عبدالله بن فيصل بن عبد العزيز”.
في عام 1937 وجه الملك عبد العزيز بإنشاء مجمع من القصور ضمن سور واحد خارج أسوار مدينة الرياض القديمة وسميت بقصور المربع ليكون مقراً له ولأسرته.
ويعد المربع من أهم القصور التاريخية في مدينة الرياض، ويمثل أبرز عناصر مركز الملك عبد العزيز منن الناحية التاريخية والتراثية. .
وقد أطلق ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان مساء الخميس، “مجموعة بوتيك”، التي تهدف إلى تطوير وإدارة وتشغيل سلسلة من القصور التاريخية الشهيرة في المملكة.
وتستهدف المرحلة الأولى من المشروع تطوير ثلاث وجهات تاريخية؛ وهي: قصر الحمراء بجدة وقصر طويق بالرياض إضافة إلى القصر الأحمر في الرياض ،لتكون فنادق عالمية ،فائقة الفخامة لإحياء التراث الوطني وتوفير تجربة ضيافة فريدة.
القصر الأحمر بالرياض:
يعد القصر الأحمر أول المباني المشيدة بالإسمنت والحديد المسلح في مدينة الرياض، حيث تم تشييده بأمر من الملك عبدالعزيز عام 1942م، ليكون مخصصًا لسكن ابنه الملك سعود بن عبد العزيز الذي كان وليا للعهد آنذاك، بعد احتراق قصره في المربع، ومجلسا لاستقبال ضيوف المملكة من قادة وحكام الدول.
وبعد انتقال الملك سعود إلى قصوره في الناصرية عام 1956 أصبح “القصر الأحمر” مقراً لمجلس الوزراء، في عهد الملك فيصل ثم الملك خالد ثم الملك فهد، قبل أن يصبح مقراً لديوان المظالم.
وسُمي بهذا الاسم نظرًا للونه المائل للحمرة، وكان مقراً لاستقبال ضيوف المملكة من قادة وحكام الدول، ومن أشهر الرؤساء الذين تم استضافتهم فيه الرئيس المصري جمال عبد الناصر، والرئيس السوري شكري القوتلي، ورئيس وزراء الهند الأسبق نهرو والرئيس المصري أنور السادات، والملك الأردني طلال بن عبدالله.
يتكون القصر من 16 جناحًا، وغرفة بجميع منافعها، وجميعها مجهزة بأجهزة تكييف الهواء والمراوح السقفية، إضافة إلى نظام إضاءة نهاري نادر، تمثل في وجود مناور مربعة مفتوحة في معظم أجزاء القصر، تسمح بدخول أشعة الشمس إلى معظم أجزاء القصر.
ويحتوي على مصاعد كهربائية، وسلالم تصل إلى بقية الأدوار، ويمتاز القصر بأعمال الديكور الداخلي ونقوشه الخارجية الفريدة، وتحيط بالقصر شرفات من جميع أجزائه تطل على حدائق غناء موزعة في مقدمة القصر وباحته الخلفية.
وسيضم القصر بعد تطويره 71 غرفة، تشمل 46 جناحًا فاخرًا و25 غرفة ضيافة فاخرة.
قصر طويق بالرياض:
يقع قصر طويق في مدينة الرياض وتحديدًا في الحي الدبلوماسي على هضبة الجانب الشمالي الغربي من الحي، ويبلغ إجمالي مساحته المبنية نحو 24 ألف متر مربع، وتم تصميمه في عام 1981م، وتم الانتهاء من المشروع عام 1985 وقد حاز على جائزة أغا خان العالمية للعمارة لعام 1998م.
ويعد منبرًا للأنشطة الثقافية وحاضنًا للمؤتمرات والندوات والمعارض المتخصصة والنشاطات الاجتماعية، وتتنوع الوظائف التي يقدمها القصر لحي السفارات بشكل خاص، ومدينة الرياض بشكل عام، بين المعارض الدولية، والمؤتمرات، وورش العمل، والمناسبات الاجتماعية، والاحتفالية، والاجتماعات، والبرامج التدريبية المختلفة.
ويتكون من عدة قاعات ومرافق عامة وغرف للضيافة تقع ضمن حائط طويل متموج يكسوه “حجر الرياض” يمتد على أطراف الموقع، كما يتكون من دار للضيافة تتكون من ثلاثة طوابق، وتضم أربعة أجنحة و25 غرفة مطلة على الوادي مخصّصة لضيوف الهيئة العليا.
ويحتوي قصر طويق على عدد كبير من القاعات والصالات، من بينها: قاعات للاستقبال وأخرى للاجتماعات وورش العمل، وقاعة كبرى للمحاضرات، وجميعها مزوّدة بمختلف وسائل العرض والترجمة الحديثة، إلى جانب صالات الطعام، وأجنحة للضيافة الفندقية، ومرافق خدمية متنوعة.
ويحيط بالقصر الحدائق والممرات الخارجية، وينسدل من واجهة الحائط عدة مظلات بيضاء ممتدة على هياكل مشدودة في ثلاثة مواقع تحوي الصالات الرئيسية وتحيطها جدران زجاجية تطل على الوادي.
وسيضم القصر بعد تطويره 96 غرفة تشمل 40 جناحاً فاخراً و56 فيلا فاخرة.
قصر الحمراء بجدة:
يقع قصر الحمراء في مدينة جدة، وشُيد كقصر للملك فيصل أثناء المد العروبي في العالم العربي، وجاء ليحاكي قصر بني الأحمر في غرناطة الأندلسية، إلا أن الملك فيصل رفض أن يسكن في القصر بسبب حجمه الكبير وفخامته.
وتحول بعد ذلك القصر إلى قصر ضيافة وشهد استقبال العديد من الرؤساء والقادة العرب، من ضمنهم الرئيسان الراحلان محمد أنور السادات وجمال عبد الناصر.
وسيضم قصر الحمراء بعد تطويره 77 غرفة، تشمل 33 جناحًا فاخرًا إلى جانب 44 فيلا فاخرة.