التقارير

“جدة التاريخية ” وإعادة إحيائها

 :سلوى بن حريز المري/ جدة / عين المملكة 

أعطت حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله قطاع السياحة والآثار اهتمامًا كبيراً لتشجيع الحفاظ على التراث والإرث القديم ولاسيما مايمثل هوية السعود‏ية وموروثها الأول لتصبح واجهات سياحية تُنهض بهذا القطاع الحيوي ليصبح شريكًا بالتنمية، وقد شهدت السعودية مؤخراً قرارات تدعم التراث وتعززه وتمثل هذا الحراك بإنشاء عدد من الهيئات بالمناطق وتبعها اليوم الأمر الملكي الكريم بإنشاء إدارة مشروع جدة التاريخية والذي جاء امتداداً لإهتمام سمو ولي العهد بتطوير المناطق التاريخية.

وأمر الملك سلمان بن عبد العزيز في يونيو 2018 بإنشاء إدارة باسم إدارة مشروع جدة التاريخية ترتبط بوزارة الثقافة، مع تخصيص ميزانية مستقلة لها، وذلك بناء على ما عرضه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.وفي مايو 2019 وجه الأمير محمد بن سلمان بدعم مشروع ترميم 56 مبنى من المباني الآيلة للسقوط بجدة التاريخية، بمبلغ 50 مليون ريال سعودي (كمرحلة أولى).

وتأتي هذه الخطوة لما تتميز به مدينة جدة التاريخية بالعديد من المعالم الأثرية، حيث كانت من أهم المدن في الحجاز على طول التاريخ الإسلامي. وتتميز بالفن المعماري الجميل والمميز عن باقي المدن الساحلية على طول البحر الأحمر. وتوجد بها عدد من الحارات القديمة، والأسواق، والمساجد التاريخية، بالإضافة إلى البيوت والروشان القديم.

وقد زار صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة جدة التاريخية.

واطّلع سموّه على مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المنطقة التاريخية الهادف لتطوير المجال المعيشي في المنطقة لتكون مركزًا جاذبًا للأعمال وللمشاريع الثقافية، ومقصدًا رئيسًا لروّاد الأعمال الطموحين.

واستمع الأمير خالد الفيصل خلال الجولة إلى شرح مفصل عن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المنطقة التاريخية بجدة، الذي يشمل أكثر من 600 مبنى تراثي و36 مسجدًا تاريخيًا و 5 أسواق تاريخية رئيسية وممرات وساحات ومواقع ذات دلالات تاريخية وواجهات بحرية مطورة بطول 5 كلم ومسطحات خضراء، ووقف سموه خلال جولته على عدد من مسارات مشروع تطوير المنطقة التاريخية ومنها الترميم والآثار.

كما شاهد قلعة الشونة إحدى المواقع الأثرية التي يقدر عمرها الزمني بأكثر من 600 عام ، التي تم اكتشافها أثناء ترميم المنطقة التاريخية،
ووقف ميدانيًا على عدد من المباني التراثية الجاري تطويرها ومنها بيتي محمد حبيب ريس وكدوان التي يبلغ عمرها الزمني أكثر 150 عاماً .

ويعود تاريخ جدة حسب بعض المصادر إلى عصور ما قبل الإسلام، وأن نقطة التحول في تاريخها كانت في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما اتخذها ميناءً لمكة المكرمة في عام 26 هـ الموافق 647.

وقام ببناء سور جدة حسين الكردي أحد أمراء المماليك في حملته عندما اتجه ليحصن البحر الأحمر من هجمات البرتغاليين فشرع بتحصينه وتزويده بالقلاع والأبراج والمدافع لصد السفن الحربية التي تغير على المدينة وقد شرع حسين كردي في بناء السور وإحاطته من الخارج بخندق زيادة في تحصين المدينة من هجمات الأعداء وبمساعدة أهالي جدة تم بناء السور وكان له بابان واحد من جهة مكة المكرمة والآخر من جهة البحر ويذكر أن السور كان يشتمل على ستة أبراج كل برج منها محيطة 16 ذراعاً ثم فتحت له ستة أبواب هي: باب بمكة، وباب المدينة، وباب شريف وباب جديد وباب البنط وباب المغاربة أضيف إليها في بداية القرن الحالي باب جديد وهو باب الصبة. تم إزالة السور لدخوله في منطقة العمران عام 1947 م.

وتضم جدة عدداً من المعالم والمباني الأثرية والتراثية، مثل آثار سور جدة وحاراتها التاريخية: حارة المظلوم، وحارة الشام، وحارة اليمن، وحارة البحر، كما يوجد بها عدد من المساجد التاريخية أبرزها: مسجد عثمان بن عفان، ومسجد الشافعي، ومسجد الباشا، ومسجد عكاش، ومسجد المعمار، وجامع الحنفي، إضافة إلى الأسواق التاريخية، بعضها انتهى والبعض الآخر ما زال قائمًا منها :

سوق السمك وسوق الخضروات والجزارين:
بالنوارية الواقعة في نهاية شارع قابل إلى ناحية الشرق.

السوق الكبير: تباع فيه الأقمشة في دكاكين كبيرة وصغيرة مكتظة بفاخر الأقمشة على مختلف أنواعها.

سوق الخاسكية: تقع خلف دار الشيخ محمد نصيف.

سوق الندى: ومعظم المحلات فيه لبيع الأحذية.

سوق الجامع: نسبة إلى جامع الشافعي.

سوق الحبابة: يقع في باب مكة.

سوق الحراج: المزاد العلني، وكان يقع في باب شريف.

سوق البدو: يقع في باب مكة ويباع فيه كل ما يجذب سكان البادية.

سوق العصر: يقع في باب شريف ويقام في كل عصر في ذلك الوقت.

سوق البراغية: كانت تصنع فيه برادع الحمير والبغال وسروج الخيل عند عمارة الشربتلي.

سوق السبحية: كانت تصنع وتباع فيه السبحة وهو سوق في موقع الخاسكية.

خانات جدة التاريخية: والخان ما يسمى بالقيسارية أي السوق التي تتكون من مجموعة دكاكين تفتح وتغلق على بعض، ومن أهم خانات جدة التاريخية خان الهنود، خان القصبة وهو محل تجارة الأقمشة، خان الدلالين، خان العطارين.

ويمثل مشروع “إعادة إحياء جدة التاريخية” جانبًا رئيسًا من جهود برنامج تطوير جدة التاريخية لاستثمار التاريخ والعناصر الثقافية والعمرانية في المنطقة وتحويلها إلى روافد اقتصادية تُسهم في نمو الناتج المحلي، وتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 ، فيما يعكس المشروع جانبًا من توجه المملكة نحو تحقيق التنمية المستدامة في جميع المناطق والمدن السعودية، عبر مشاريع حَضرية تنموية صديقة للبيئة، تتوفر فيها حواضن طبيعية للإنتاج الإبداعي، ومواقع جاذبة للعيش والعمل، تُسهم في النمو الاقتصادي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى